سورة طه - تفسير تفسير الماوردي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (طه)


        


قوله تعالى: {قَالَ يَا هارُونَ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّواْ} يعني بعبادة العجل.
{أَلاَّ تَتَّبِعَنِ} فيه وجهان:
أحدهما: ألا تتبعني في الخروج ولا تقم مع من ضل.
الثاني: ألا تتبع عادتي في منعهم والإِنكار عليهم، قاله مقاتل.
{أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي} وقال موسى لأخيه هارون: أخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين فلمّا أقام معهم ولم يبالغ في منعهم والإِنكار عليهم نسبه إلى العصيان ومخالفة أمره.
{قَالَ يَا بْنَ أُمَّ} فيه قولان:
أحدهما: لأنه كان أخاه لأبيه وأمه.
الثاني: أنه كان أخاه لأبيه دون أمه، وإنما قال يا ابن أم ترفيقاً له واستعطافاً.
{لاَ تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلاَ بِرَأْسِي} فيه قولان:
أحدهما: أنه أخذ شعره بيمينه، ولحيته بيسراه، قاله ابن عباس.
الثاني: أنه أخذ بأذنه ولحيته، فعبر عن الأذن بالرأس، وهو قول من جعل الأذن من الرأس.
واختلف في سبب أخذه بلحيته ورأسه على ثلاثة أقوال:
أحدها: ليسر إليه نزول الألواح عليه، لأنها نزلت عليه في هذه المناجاة. وأراد أن يخفيها عن بني إسرائيل قبل التوبة، فقال له هارون: لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي ليشتبه سراره على بني إسرائيل.
الثاني: فعل ذلك لأنه وقع في نفسه أن هارون مائل إلى بني إسرئيل فيما فعلوه من أمر العجل، ومثل هذا لا يجوز على الأنبياء.
الثالث: وهو الأشبه- أنه فعل ذلك لإِمساكه عن الإِنكار على بني إسرئيل الذين عبدوا العجل ومقامه بينهم على معاصيهم.
{إِنِّي خَشيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرآئِيلَ} وهذا جواب هارون عن قوله: {أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي} وفيه وجهان:
أحدهما: فرقت بينهم بما وقع من اختلاف معتقدهم.
الثاني: [فرقت] بينهم بقتال مَنْ عَبَدَ العجل منهم.
وقيل: إنهم عبدوه جميعاً إلا اثني عشر ألفاً بقوا مع هارون لم يعبدوه.
{وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي} فيه وجهان:
أحدهما: لم تعمل بوصيتي، قاله مقاتل.
الثاني: لم تنتظر عهدي، قاله أبو عبيدة.


قوله عز وجل: {قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ} الخطب ما يحدث من الأمور الجليلة التي يخاطب عليها، قال الشاعر:
آذنت جارتي بوشك رحيل *** بكرا جاهرت بخطب جليل
وفي السامري قولان:
أحدهما أنه كان رجلاً من أهل كرمان، تبع موسى من بني إسرائيل، قاله الطبري، وكان اسمه موسى بن ظفر.
أحدهما: أنه كان رجلاً من أهل كرمان، تبع موسى من بني إسرئيل، قاله الطبري، وكان اسمه موسى بن ظفر. وفي تسميته بالسامري قولان:
أحدهما: أنه كان من قبيلة يقال لها سامرة، قاله قتادة.
الثاني: لأنه كان من قرية تسمى سامرة.
{قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُواْ بِهِ} فيه وجهان:
أحدهما: نظرت ما لم ينظروه، قاله أبو عبيدة.
الثاني: بما لم يفطنواْ له، قاله مقاتل.
وفي بصرت وأبصرت وجهان:
أحدهما: أنَّ معناهما واحد.
الثاني: أن معناها مختلف، بأبصرت بمعنى نظرت، وبَصُرت بمعنى فطنت.
{فَقَبَضْتُ قَبْضَةً} قرأه الجماعة بالضاد المعجمة، وقرأ الحسن بصاد غير معجمة، والفرق بينهما أن القبضة بالضاد المعجمة، بجميع الكف، وبصاد غير معجمة: بأطراف الأصابع {مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ} فيه قولان:
أحدهما: أن الرسول جبريل.
وفي معرفته قولان:
أحدهما: لأنه رآه يوم فلق البحر فعرفه.
الثاني: أن حين ولدته أمه [جعلته في غار]- حذراً عليه من فرعون حين كان يقتل بني إسرائيل وكان جبريل يغذوه صغيراً لأجل البلوى، فعرفه حين كبر، فأخذ قبضة تراب من حافر فرسه وشدها في ثوبه {فَنَبَذْتُهَا} يعني فألقيتها، وفيه وجهان:
أحدهما: أنه ألقاها فيما سبكه من الحلي بصياغة العجل حتى خار بعد صياغته.
الثاني: أنه ألقاها في جوف العجل بعد صياغته حتى ظهر خواره، فهذا تفسيره على قول من جعل الرسول جبريل.
والقول الثاني: أن الرسول موسى، وأن أثره شريعته التي شرعها وسنته التي سنها، وأن قوله: {فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَأ} أي طرحت شريعة موسى ونبذت سنته، ثم اتخذت العجل جسداً له خوار.
{وَكَذلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي} فيه وجهان:
أحدهما: حدثتني نفسي. قاله ابن زيد.
الثاني: زينت لي نفسي، قاله الأخفش.
قوله عز وجل: {قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أَن تَقُولَ لاَ مِسَاسَ} فيه قولان:
أحدهما: أن قوله: {فَاذْهَبْ} وعيد من موسى، ولذا [فإن] السامري خاف فهرب فجعل يهيم في البرية مع الوحوش والسباع، لا يجد أحداً من الناس يمسه، حتى صار كالقائل لا مساس، لبعده عن الناس وبعد الناس منه. قالت الشاعرة:
حمال رايات بها قنعاسا *** حتى يقول الأزد لا مساسا
القول الثاني: أن هذا القول من موسى [كان] تحريماً للسامري، وأن موسى أمر بني إسرائيل ألا يؤاكلوه ولا يخالطوه، فكان لا يَمَسُّ وَلاَ يُمَسُّ، قال الشاعر:
تميم كرهط السامري وقوله *** ألا لا يريد السامري مساسا
أي لا يُخَالِطُونَ وَلاَ يُخَالَطُون.
{وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَّن تُخْلَفَهُ} يحتمل وجهين:
أحدهما: في الإِمهال لن يقدم.
الثاني: في العذاب لن يؤخر.
قوله عز وجل: {وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً} فيه وجهان:
أحدهما: أحاط بكل شيء حتى لم يخرج شيء من علمه.
الثاني: وسع كل شيء علماً حتى لم يخل شيء عن علمه به.


قوله عز وجل: {وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئَذٍ زُرْقاً} فيه ستة أقاويل:
أحدها: عُمياً، قاله الفراء.
الثاني: عطاشاً قد أزرقت عيونهم من شدة العطش، قاله الأزهري.
الثالث: تشويه خَلْقِهم بزرقة عيونهم وسواد وجوههم.
الرابع: أنه الطمع الكاذب إذ تعقبته الخيبة، وهو نوع من العذاب.
الخامس: أن المراد بالزرقة شخوص البصر من شدة الخوف، قال الشاعر:
لقد زرقت عيناك يا بن مكعبر *** كما كل ضبي مِن اللؤم أزرق
قوله عز وجل: {يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ} أي يتسارُّون بينهم، من قوله تعالى: {وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: 110] أي لا تُسرّ بها.
{إن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ عَشْراً} العشر على طريق التقليل دون التحديد وفيه وجهان:
أحدهما: إن لبثتم في الدنيا إلا عشراً، لما شاهدوا من سرعة القيامة، قاله الحسن.
الثاني: إن لبثتم في قبوركم إلاّ عشراً لما ساواه من سرعة الجزاء.
قوله تعالى: {نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ} يحتمل وجهين:
أحدهما: نحن أعلم بما يقولونه مما يتخافتون به بينهم.
الثاني: نحن أعلم بما يجري بينهم من القول في مدد ما لبثوا.
{إذ يقول أمثلهم طريقةً} فيه وجهان:
أحدهما: أوفرهم عقلاً.
الثاني: أكبرهم سداداً.
{إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ يَوْماً} لأنه كان عنده أقصر زماناً وأقل لبثاً، ثم فيه وجهان:
أحدهما: لبثهم في الدنيا.
الثاني: لبثهم في القبور.

3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10